احلى المنتديات منتدى الزارات
مرحبا بك فى احلى المنتديات منتدى الزارات

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

احلى المنتديات منتدى الزارات
مرحبا بك فى احلى المنتديات منتدى الزارات
احلى المنتديات منتدى الزارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة الغفران : الفنّ والدّلالة

اذهب الى الأسفل

رسالة الغفران : الفنّ والدّلالة Empty رسالة الغفران : الفنّ والدّلالة

مُساهمة  Admin الثلاثاء نوفمبر 30, 2010 6:58 pm


[size=21]رسالة الغفران : الفنّ والدّلالة



لم تكن مشاهد الرّحلة العلائيّة في "رسالة الغفران" سوى حمم يرجم بها العقل العلائي


كلّ ماهو موميائي في الأخلاق والدين والفكر..وقد سلكت الرحلة غمار شعاب متفرعة من القضايا سلك إليها المعرّي طريق الأدب والفنّ مشتغلا على البنية والفكرية ... فلا سبيل إلى دراسة قسم الرّحلة من الرّسالة إلاّ متى نظرنا إلى المستويين هما :

في إشكالية الجنس الأدبي :

اختلف النقّاد قديما وحديثا في تصنيف "الغفران" ضمن جنس محدّد، وقد صدر القدامى عن مرجعيّة دينيّة أخلاقيّة في حين انخرط المحدثون في قراءة إيديولوجية، من ذلك فقد اعتبرها :

- طه حسين في (تجديد ذكرى أبي العلاء) : قصّة خياليّة.

- سليمان البستاني في (مقدمة ترجمته لإلياذة هوميروس) : ملحمة.

- بنت الشاطئ في (البنية القصصيّة في رسالة الغفران) : مسرحيّة.

- حسين الواد في (البنية القصصيّة في رسالة الغفران) : بنية قصصيّة.

غير أنّ الرّحلة جماع أجناس : فقد استعارت من المسرح الحوار وصداحه، ومن القصّة الرّاوي وحيله، ومن القصيدة الإيقاع وصوره، ومن المقامة السّجع وأجراسه، ومن الخرافة العجيب وألوانه ... إنّها ملتقى الفنون وقد تآخت ... تتنازعها عدّة أقطاب :

- في أدبيّة الشكل يتنازعها الترسّلي والقصصي.

- في أدبيّة الصّورة يتنازعها الواقعي والعجائبي.

- في أدبيّة الصّنعة يتنازعها الجدّ والهزل.

- في أدبيّة الفكرة يتنازعها الحق والباطل.

إنّها رسالة قصصيّة، وقصّة ترسلية عجائبية تآخت فيها الأجناس الأدبية (القصّة / القصيدة / الخرافة) وانسجمت فيها كلّ أنماط الكتابة (الحجاج - التفسير - الوعظ - السّرد ...) فقد فرضت الأخوّة الفنّية بين الأجناس حسب عبارة بودلير

[size=21]
[size=21]/ المستوى الفنّي :i




- الحركة الحديثة : تتنازعها حركتان :



حركة أفقيّة : قوامها تداخل السجلاّت اللّغوية (رسالة ابن القارح + آيات القرآن + ردّ أبي العلاء الّذي هو بصدد التكوّن) فعل الكتابة



وحركة عمودية : هي الإقلاع من الأرض الرّاكدة إلى السّماء فعل التخيّل.



- البنية القصصيّة : تتفرّع إلى خمسة مقاطع : 1- المعراج 2- النزهة 3- المحشر 4- الجحيم 5- الجنّة، وهي مقاطع تخرق نظام القصّة الأصلي : المعراج - الحشر - الجنّة - الجحيم - الجنّة.



خضعت إلى علاقات انضمامية وتتابعيّة.



- الشخصيات : تتوزّع إلى شخصيات



: تاريخية : متحوّلة من الأرض إلى السّماء (الشعراء - النحاة ...)



عجائبيّة: أصيلة عالم الآخرة (رضوان - زفر).



حيوانية : من عالم الأرض والجنة (الذئب - الإوزّة - ...)



- الرّاوي : الغيري : وهو شخصيّة ورقيّة تروي القصّ الأصلي في زمن الحاضر وترصد حركة ابن القارح.



الذاتي : يتجلّى في القصّ الفرعي في زمن الماضي (استرجاع ابن القارح لموقفه من المحشر).



- وظيفته : الوظيفة السّردية : تقديم الحكاية ورواية الأحداث التي ينجزها البطل.



الوظيفة التنظيمية: ترتيب الأحداث ونسق السّرد في النصّ.



الوظيفة الإفهاميّة : تتجلّى في محاورة الراوي للقارئ لتوضيح الأحداث وشرحها.



الوظيفة التأثيرية : تبدو في النواحي الانفعالية والأخلاقية والفكرية.



الوظيفة الإيديولوجية : تتمثل في ممارسة الدّحض والنقد.


الاستطراد :


هو انزياح من معنى إلى معنى أو هو خروج من قضية إلى قضية جانبيّة ينطلق في تحقيقها، والاحتجاج لها ويورد النظائر والأشباه ... ثمّ يعود فيستأنف ما كان قد بدأه.



أنواعه : الدّعاء - الشّرح - التعليق.



الخيال:


هو صورة المواد أو المجرّدات في هيئة جديدة مغايرة لهيئتها الأصلية في الواقع المحسوس أو التصوّري.


أنواعه : الخيال التمثيلي : وهو قوّة مصوّرة تحاكي الأشياء الغائبة فيخيّل أنّها حاضرة، ويعتبر خيالا موازيا للواقع



: مثال تصوير الشخصيات في مجالس المنادمة.



الخيال المبدع : فيه ضروب من الاختراع والإنشاء والتوليد وفيه الصّورة اكتشاف مغاير لما هو موجود وتأليف مستحدث يقوم على مبادئ :



* القلب : قد يكون جزئيا / كليا : مثال العوران الخمسة - حمدونة ...



* التركيب : التأليف بين شيئين منفصلين في الواقع ويشتق منها شيئا جديدا.



* التحويل : يقوم على مبدأ التعويض ورسم صورة جديدة مخالفة للواقع (الأعشى).



* التجسيد : يكون بتحويل المجرّد إلى حقيقة لعلاقة مشابهة (بيت الخنساء في صخر).



الخيال الوهمي : يتمثّل في نسج الرّؤى والأحلام خياليا وهو نوع من الفنطازيا ويسمّى بالخيال المجنّح على المفارقة التامّة للواقع ولقوانين الطبيعة (مثال خروج الحورية من الثمرة) ويتميّز بالتضخيم والتهويل.



روافده : الواقع : تحيل عليه البيئة الحضارية في القرن الرابع للهجرة إذ تمثّل العقل العلائي مختلف تحوّلات المجتمع سياسيا واجتماعيا وفكريا واقتصاديا.



الأدب : وظّف المعرّي ثقافته الأدبيّة وما نشأ في عصره من مجالس الأدب فشكّلت مشاهد الرّحلة الغفرانية تناصا مع الأشعار وصدى لمحاورات الأدباء والنحاة ...



الدّين : اعتمد أبو العلاء على النّصوص القرآنيّة والأحاديث النبويّة وتصوّرات العامّة للجنّة والنّار.



يؤدي العجيب المدهش المسلّي (الخرافة - الأساطير) إلى الجميل ويؤدي العجيب الخارق للطبيعة (القرآن) إلى الجليل، وقد ارتكز التخييل في انزلاقه من جليل القرآن إلى جميل الغفران ومن رهبة الدّيني إلى متعة الأدبي على أسلوب التفصيل لمظاهر النعيم والتعديد للذوات والشخصيات

[/size]

[size=21]السّخرية :

فنّ في الكتابة توسّل به المعرّي لكشف شخصيّة ابن القارح وقد تجلّت في المستويات التالية :



- التهكّم :وفيه يدلّ المعنى المباشر على معنى مختلف غير مناقض للأول يؤدّي إلى ردّ فعل مزاجي. (مثال حاجة إبليس من ابن القارح).




/ المستوى الفكري :ii

يحيل على جملة القضايا التي عالجها الكاتب من خلال مختلف مشاهد الرّحلة.



- القضايا الأدبيّة :



- الشعر : يعرّفه المعرّي : "كلام موزون تقبله الغريزة على شرائط" - الملاعبة اللّفظية : يشتغل فيها الكاتب على الألفاظ التي تكون حمّالة لدلالات شتى توحي بالمعنى وخلافه.



- سوء التفاهم : يتجلّى في اختلاف مقاصد القول إذ يتجه ذهن المتقبل خلاف المتكلم فتنكشف نواياه.

- المعابثة : إبراز البطل في أوضاع لا تناسب سنّة وما يوحي به ظاهره من وقار ورصانة




"ليست السّخرية كلاما أو خطابا، وإنّما هي قفا الكلام"




أكتافيو باز

[/size]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]


[size=21]/ المستوى الفكري :ii

يحيل على جملة القضايا التي عالجها الكاتب من خلال مختلف مشاهد الرّحلة.
- القضايا الأدبيّة :

- الشعر : يعرّفه المعرّي : "كلام موزون تقبله الغريزة على شرائط"
[center]تجمع رسالة الغفران بين لذّة القصّ ولذعة النقد وبين التصوّر العقائدي الجليل والتصوير الأدبي الجميل
- صورة الشعر المادح : الكذب - الإلحاح - السّرقة الشعريّة.

- صورة الشاعر المنشود : الصّدق - الجمع بين القول والعمل - شجاعة الرأي.

- القضايا العقائديّة :

1- الغفران : تصوّرات العامّة للغفران بسبب : الكلمة الطيّبة - الإيمان بدين سماويّ.

2- الشفاعة : طلب الشفاعة بواسطة آل البيت وبالأقوال دون الأعمال (الأعشى ...).

3- التوبة : تأخير التوبة إلى آخر العمر مع الإبقاء على الرّغبة في الملذّات والشهوات.
4- الجزاء : * الجنّة : تمثّلها مخزنا للملذّات الحسّية

* الجحيم : صورة من العذاب الدنيوي.

5- العدالة الإلهية : تتجلّى من خلال تفاوت مراتب الجنّة وموقع أهل الجاهليّة من الجحيم.

- القضايا الاجتماعيّة : 1- انتشار مظاهر الترف والمجون

2- غلبة ظاهرة الوساطة

3- تهالك الناس على الملذّات

4-النفاق

5- الخصام

6- الطبقية

- القضايا السياسيّة : 1- واقع الجور السّياسي

2- التعالي على الرّغبة

3- لهو رجال الحكم وانصرافهم إلى حياة الملذّات والترف

4- التزلّف إلى الحكّام
[center]
[center]دراسة تأليفية شاملة لأهم المسائل التي من شأنها أن تعرض لدارس
رسالة الغفران

بنية الرسالة
-1/ رسالة الغفران : نص الفوضى والتداعي
-2/ رسالة الغفران : نص البناء المحكم
أ* التحول من الترسل إلى القص
ب* الفن القصصي في الرحلة من خلال
**منطق الأحداث
** الشخصيات
** الزمان
** المكان

الخيال في رسالة الغفران
1/ مصادره : القران
الشعر
الواقع الحضاري
2/ تجلياته: في الزمان
في المكان
في الشخصيات
في الأحداث

السخرية في رسالة الغفران

استجلاء مظاهر السخرية من خلال:
· المفارقات بين طبيعة المكان المقدس وما يؤتى فيه من سلوك مدنس
· عدم التوازن بين الفعل والنتيجة
· قلب المواقف الجادة إلى مشاهد هزلية
· التناقض بين الصفة والسلوك

القضايا المطروحة في رسالة الغفران
· النقد السياسي
· القضايا الأدبية
· القضايا الاجتماعية
[size=21]

[size=21]-1/ بنية الرسالة
[right]1* رسالة الغفران: نص الفوضى و التداعي
تعددت التصنيفات المتعلقة بالنص الغفراني ولعل منشأ هذا الاختلاف السؤال التالي : "هل أن الكتابة في رسالة الغفران خاضعة إلى نسق و منطق وبناء محكم أم إنها إلى التداعي والفوضى أقرب؟"

قد يتعجل القارئ الحكم في شان الرسالة العلائية فينزع عنها كل أصول البناء المحكم فيعتبر فن الكتابة فيها قائما على فيض الخاطر و تداعيات الوجدان ويتخيل نصوصها مناظر مختلفة وحوادث متفرقة وجمعا بين أماكن مشتتة و شخصيات متباينة وتوالدا لاستطرادات كثيرة من شانها أن تفقد الرسالة لا نظامها فقط بل كذلك جماليتها و أدبيتها
ولعل هذا الحكم على الرسالة وتجريدها من صفة تماسك البناء والصياغة لم ينشأ من عدم بل هناك حجج تدعمه من خارج النص و داخله
أ الحجج الخارجية
نتيجة للمقارنة بين الرسالة و ديوان اللزوميات الذي بدا فيه المعري صارما متشددا في المعاني المطروحة أو في بناء القصائد ومن هنا فإن غياب الصرامة الشكلية في الغفران قد اعتمده البعض حجة لتجريدها من أدبيتها و صفة البناء المحكم ولعل المقارنة بين رسالة ابن القارح الابتدائية و رسالة أبي العلاء الجوابية توضح هذه الرؤية فخروج المعري عن المسائل التي طرحها ابن القارح واضح وجلي خاصة في قسم الرحلة وبهذا تكون الرسالتان قائمتين على جدلية التوافق والاختلاف ولعل هذا الرسم البياني من شانه أن يوضح هذا الاختلاف
وبذلك تكون المقارنة بين الرسالتين حجة تجرد رسالة الغفران من البناء المحكم لتعمد أبي العلاء الخروج عن النظام وكسر الترتيب الذين وردت عليما رسالة ابن القارح ولهذا نميل إلى أن الكتابة في رسالة الغفران تداعيات فكر وتناسل قضايا لا يشدها منطق ولا تخضع نسق بل هي أقرب إلى الفوضى والتشتت
.[size=21]
[size=12][size=21]ب الحجج الداخلية
[/size]

من الحجج التي نستمدها من داخل النص والتي تنفي عنه صفة النظام نذكر
*اختلال بناء الرسالة
الرسالة
القصة
مرجع الخطاب
واقع
خيال
صيغة الخطاب
متحقق
ممكن
نمط الخطاب
جدي
هازل
الزمان
ماض وحاضر
مستقبل
المكان
عالم الدنيا
عالم الآخرة


* عدم تماسك البناء باعتبار سيطرة التناص الذي تنوعت بموجبه أشكال التعبير و أجناسه في الرسالة فنجد
- تمازج المنثور والمنظوم
- تقاطع النثر والشعر
- اجتماع الشروح اللغوية والقران
- تداخل الأحاديث النبوية و الأقوال المنثورة

· انعدام وحدة التأليف ذلك أن المعري طرح عدة مواضيع لا تربط بينها صلة فنجد العقائدي والسياسي والأخلاقي والأدبي
* غياب الترتيب المنطقي للأحداث فمشهد الحشر مثلا يرد بعد دخول الجنة
* خضوع الأحداث لمنطق الفجائية والصدفة : ذلك أن الأحداث تتداعى في غير نظام لأن الراوي يقتفي أثر بطله الذي كان" يسير في الجنة على غير منهج".
- يجدر بنا بعد هذا العرض أن نبحث في أسباب هذه الفوضى والتي يمكن تجميعها في النقاط التالية:
سبب نفسي فأبو العلاء ضاق ذرعا بقيود الشكل التي أملتها عليه كتب اللزوميات والفصول والغايات فكانت الغفران سعيا جاد منه للتحرر من هذه القيود
سبب أدبي يعود إلى رغبة أبي العلاء في إثبات قدرته وكفاءته الأدبية مما أدى به إلى فقدان القدرة على التحكم في الشكل والبناء
سبب عقائدي تكون بمقتضاه هذه الفوضى متعمدة و عن وعي لأنها وليدة رغبة أبي العلاء في التستر وإخفاء حقيقة موقفه
2*-رسالة الغفران :نص البناء المحكم

أ * التحول من الترسل إلى القص

لئن اعتبرنا قسم الرحلة خروجا عما يقتضيه الرد على رسالة ابن القارح و استطرادا مطولا اخل ببناء الغفران وأخرجها من جنس الترسل فإن استقراء السياقات التي تسبق الرحلة مباشرة يثبت أن أبا العلاء أحكم الانتقال من الرد إلى الرحلة من ذلك أن المعجم اللغوي السابق للرحلة يتميز باحتوائه أفعالا توحي بالانتقال من الأرض إلى السماء (رفع شفع قرب عرج ...) ولم يكن التمهيد للانتقال والرفع بهذه الأفعال وحدها بل نجد توظيف النص القرآني من خلال آيتين أولاهما تتضمن معنى صعود الكلم الطيب والثانية تتضمن تشبيه رسالة ابن القارح بالكلمة الطيبة التي تمنح صاحبها شجرة طيبة في الجنة وبهذه الآية كان الانتقال إلى الحديث عن الشجر الذي غرس لابن القارح في الجنة
- يمكن أن نستدل أيضا بقصة المعراج فيكون بذلك صعود ابن القارح شبيها بصعود الرسول (ص) إلى السماء
═◄إذن إن الرحلة ليست نشازا بالنسبة إلى الرسالة
═◄ فالرحلة إذن استطراد والاستطراد من مقومات فن الترسل ولئن طال فإنه كان عملا واعيا .يقول أبو العلاء " وقد أطلت في هذا الفصل ونعود الآن للإجابة عن الرسالة "
إن هذا الاستطراد يدعونا حتما إلى استجلاء نوع آخر من التحول نتبينه في الجدول التالي

الرسالة
الرحلة
المعري
باث معلوم
راو مجهول
ابن القارح
متقبل معلوم
موضوع حديث


ب * البناء المحكم للرحلة من خلال المقومات القصصية

درجت المناهج الأدبية الحديثة على تقسيم المقومات القصصية إلى حكاية وخطاب فما سنتناوله في القصة بما هي حكاية هو البنية الحدثية و الشخصيات و الزمان والمكان أما القصة بما هي خطاب فسنتناول فيها عنصري الراوي و أنماط الكتابة

1/ القصة بما هي حكاية

1-1* البنية الحدثية أو منطق الأحداث
إن ورود مشهد الحشر بعد دخول الجنة من أهم الدلائل التي احتج بها النقاد على فوضى البناء في النص العلائي لكن تعميق النظر والقراءة يثبت عكس هذا التعليل .فأبو العلاء تعمد ذلك بان كسر النسق الزمني حتى ترتبط مفاصل الحكاية ارتباطا عضويا يحكمه الانسجام فوسط الاضطراب بين هدوءين فالهدوء ماثل في كل مشاهد الرحلة الفردوسية أما الاضطراب فلا يرد غلا في مشهد الحشر فتلخص القصة في الشكل التالي


اضطراب
المحشر


هدوء هدوء

أما تجوال ابن القارح في الجنة والذي كان على غير منهج فمقصود إذ كان غرض المعري من ذلك تسجيل أكبر عدد ممكن من القضايا والمواقف لذلك كانت أحداث الرحلة من مختلف الصنوف لان شواغل المعري تستوجب تنويع الأحداث إذ الغرض من حشدها هو إثارة قضايا أدبية وعقدية واجتماعية تضمنت مواقفه النقدية .

═◄كل جولة من جولات ابن القارح في الجنة وكل لقاء بشخصية مثل مناسبة لطرح قضية من القضايا
انطلاقا مما سبق تنبين أن نسق الأحداث قد خضع لضربين من العلاقات :
*علاقات انضمامية فالأحداث تتنامى دون أن تخضع لمنطق السببية بل لمبدأ التجاور مما يجعل النص مفتوحا منسجما مع حركة البطل "الذي يسير على غير منهج " وذلك من قبيل قوله :" ويبدو له ان يصنع مأدبة في الجنان...." أو قوله "يخطر له حديث كان يسمى النزهة في الدار الفانية "
* علاقات استتباعية بمعنى أن تكون العلاقات بين الأحداث علية فالمقطوعات السردية مرتبطة ببعضها البعض ارتباط النتيجة بالسبب ومثال ذلك:
يقول ابن القارح" فكيف لنا بأبي بصير فلا تتم كلمة إلا وأبو بصير قد خمسهم " فالتحاق الأعشى بمجلس المنادمة يؤثر في المجلس أولا عندما يقول ابن القارح "يا أبا بصير أنشدنا قولك..." ويؤثر في المجلس ثانية عندما يقول لبيد "سبحان الله يا أبا بصير بعد إقرارك بما تعلم غفر لك وحصلت في جنة عدن" ويؤثر في نفس المجلس ثالثة عندما ينشب خلاف بينه وبين النابغة الجعدي فيتفرق المجلس .

1-2*الشخصيات تتميز الرحلة بكثرة الشخصيات ولا تعني هذه الكثرة الفوضى واللانظام وإنما تخضع الشخصيات لنظام واضح مخصوص هو أن أغلب الشخصيات تظهر مرة واحدة في الرحلة ثم تختفي وبين هذه الشخصيات على كثرتها تشابه واختلاف فكلها تشترك في وجودها الافتراضي وفي أن لكل شخصية منها حياتين حياة قضتها في الدنيا و حياة تقضيها في الآخرة كما نلاحظ أن جل الشخصيات من الشعراء وحتى من لم يكن شاعرا فله علاقة بالشعر إما حفظا أو نقدا أو رواية
و أما مواطن الاختلاف بين الشخصيات فأكثر ما تتجلى في أنها لا تستغرق الحيز الزمني نفسه في الرحلة ففي حين يحضر ابن القارح الرحلة من بدايتها إلى نهايتها تكتفي بعض الشخصيات الأخرى بالظهور ثم الاختفاء
═◄تبعا لهذا كان ابن القارح بطلا محوريا فكل شيء في الجنة له صلة به وكل شخص يعرض عنه ابن القارح يمحي من القصة كليا

إن من أظهر الدلائل على إحكام البناء في الرحلة تصوير الشخصيات وتدبير العلاقات بينها التي تبقى رغم تنوعها محكومة بمنطق الثنائيات

۞ ثنائية الإفراد (ابن القارح) والجمع (الآخرون)
۞ثنائية الحضور والغياب
۞ثنائية الحركة والسكون ففي أغلب الأحيان تكون الشخصيات ساكنة إذا تحرك ابن القارح وتتحرك إذا سكن هو
كما تجتمع هذه الشخصيات بسؤال بم غفر لك أو لم غفر لك فتتولد حينئذ قصص فرعية غير منفصلة عن القصة الأم
هذا ويمكن أن نورد أنماطا أخرى بين من العلاقات بين الشخصيات مثل

* التكامل بين رضوان وزفر
*التباين بين النابغة الجعدي و الأعشى
* التماثل بين عوران قيس –توفيق السوداء –حمدونة الحلبية

═◄تجمع هذه الشخصيات بين التاريخي والثقافي و الاجتماعي من جهة والتخييلي القصصي من جهة أخرى فالأعشى مثلا له مرجعية تاريخية في الدنيا كشاعر وله وجود فني قصصي في الرحلة . فحياة كل شخصية في الرحلة ما هي إلا امتداد فني لحياته في الآخرة

1-3*الزمان لم يكن انتقال زمن الخطاب وتحوله من الماضي إلى الحاضر اعتباطيا أو ناشئا عن عدم وإنما اقتضته ضرورات فنية فلولا هذا التحول لما انتقل الخطاب من الواقع إلى الخيال ولما تحول أبو العلاء من مترسل إلى راو وابن القارح من متقبل إلى موضوع حديث.
ولئن اعتمد المعري التوفيق بين الزمن الخارجي القائم على الذاكرة لاسترجاع حياة الشخصية وبين الزمن النسبي والزمن المطلق، فإن الرحلة تبدو خالية من العنصر الزمني إذ ليس لنا في رحلة الغفران ما يحدد موقع الأحداث من الزمان لأن الأحداث تجري في عالم متحرر من الزمن وخارج عن كل تحديد ولا غرابة في ذلك فنحن في الرحلة أمام زمن سرمدي وإضافة إلى هذين الزمنين يمكن أن نضيف زمنا ثالثا هو زمن التلفظ إذ يحصل التطابق بين زمن السرد وزمن الحدث أو بين الرواية والوقائع بما يعني أن الحديث يقع في زمن وقوع الأفعال والقارئ حينها يعيش بالمشاهدة ما يقع أمامه في زمن واحد
1-4* المكان قام المكان في رسالة الغفران دليلا على إحكام البناء الذي يثير التعجب فالمعري لم يقدمه دفعة واحدة بل على جزء فضاءاته بحسب حركة البطل وتنقله فيه ومن هنا يمكن استجلاء مستويين للمكان :
*1 / مستوى عام وهو ثنائية الأرض والسماء (ابن القارح بين الموجود والمنشود)
*2/ مستوى خاص :وهو ثلاثية الجنة والمحشر والجحيم
[right][size=21]/ الخيال

[right]إن إثبات مفردة "الخيال" يتطلب تعريفا لهذا المصطلح يمكن أن يطمأن إليه. يقول طه حسين " إن الرحلة من القصص الخيالي النادر و إنها أول قصة خيالية عند العرب. و قد تبنى هذا الحكم من النقاد كبنت الشاطئ و جليل الهنداوي و فرج بن رمضان. و لعل جميع هؤلاء يتفقون على أن المقصود بالخيال هو الصورة الرمزية التي تجسم المعنى المجرد تجسيما حسيا واضحا أو هو صورة المواد القديمة و قد أخرجت في هيئة جديدة مغايرة لهيئتها الأصلية في واقعها المحسوس.
يقتضي فعل القص بالضرورة نشاطا تخييليا يعيد فيه الكاتب بناء العالم فيخرجه على نحو مخصوص يرتضيه ذوقه و تميله حاجة الكاتبة الفنية و تحدد و جهته مقاصد دقيقة. و يعتبر الخيال من العناصر اللافتة للنظر في رحلة الغفران. يقول الأستاذ كمال العزابو: تتملك القارئ لرحلة الغفران حيرة و دهشة من هذا العالم العجيب في أحداثه و شخوصه و فضائيه المكاني و الزماني.
و الخيال يشغل وظائف مختلفة لعل أهمها شد القارئ بما يحققه له من خرق للمألوف كما أنه يمكن الأديب من تجاوز الرقابة كما يرى تودوروف و من ثمة فإن اللجوء إلى هذا اللون من الأدب يصبح ضرورة زمن الأزمات والقهر بعبارة الأستاذ كمال العزابو.
2-1*/مصادره
أ-/ القران هو أهم مصدر استقى منه أبو العلاء عناصر عالمه الآخر ومياسمه العامة بجنته وناره ولا عجب في ذلك والقران هو النص المقدس الذي تتواتر فيه آيات تصور مصير الإنسان يوم الحشر وصورة الجنة والنعيم من جهة وصورة النار وأحوال الكافرين من جهة أخرى .
ولقد أخذ أبو العلاء من القران أكثر المادة التي صاغ منها عالمه الآخر بل كاد ينقل السور القرآنية نقلا .فالجنة العلائية بما فيها من ظلال ووفرة أنهار جارية لبنا وعسلا وماء قريبة من قوله تعالى " وتجري في أصول ذلك الشجر أنهار تختلج من ماء .." ففي الجنة أنهار من عسل مصفى و في القرآن أنه: مثل الجنة وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن و أنهار من لبن لم يتغير طعمه و أنهار من خمر لذة للشاربين و أنهار من عسل مصفى. و أهل الجنة في القرآن منزوعي غل الصدور في قوله تعالى:" و نزعنا ما في صدورهم من غل". و كذلك جنة أبي العلاء: فصدر أحمد بن يحيى من هنالك غسل من الحقد على محمد بن يزيد.

وأما جهنم التي صورها أبو العلاء ومل فيها من وسائل تعذيب فهي قرآنية لا ريب ولا شك فهذا مشهد إبليس وهو يضطرب في الأغلال ومقاطع الحديد تأخذه من أيدي الزبانية أو ليست هذه الصورة مجسمة في قوله تعالى " إن الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الجحيم ثم في النار يسجرون "

ب-/ الشعر هو ثاني المصادر التي اعتمدها ابو العلاء لإنشاء الخيال في الرحلة. فيندر أن يمر مشهد من المشاهد دون أن يورد له المعري شيئا من الشعر فهو يعرض لنا على سبيل المثال أبا ذؤيب الهذلي في الجنة يحتلب ناقة في إناء من الذهب محققا له قوله في الدنيا:
و إن حديثا منـــــــك لو تعلمينه جنى النحل في ألبان عود مطافل
مطافيل أبكار حديث نتاجها تشاب بماء مثل ماء المفاصل
[right]و من أمثلة ذلك أيضا انقلاب الفاكهة حورا مستوحى من قصيدة بشار:
حتى إذا ما اشتهت ريحي و أعجبها و نحن في خلوة مثلت إنسانا

وبهذا قد يتحول الشعر إلى مادة حدثية إذ يكون الحدث القصصي تحقيقا لمجاز شعري فيتطابق المتن القصصي مع المتن الشعري


ج-/ الواقع الحضاري الواقع والخيال في رسالة الغفران يمتزجان امتزاجا متفاعلا فتصبح الرحلة الخيالية كالواقع نفسه لكن بشكل فني مبتدع ومن هنا تنتفي مقولة إن الخيال هو خلق شيء من لا شيء لان صورة العالم الآخر التي رسمها أبو العلاء مستوحاة إلى حد بعيد من صورة العالم الأدنى

2-2*/ تجلياته
العناصر التي تخضع لفعل التخيل في قسم الرحلة من رسالة الغفران هي:
* المكان:
سما به المعري إلى عوالم الخوارق يتخيله محشرا و صراطا و جحيما بمواصفات تخرق المعقول ( كثبان العنبر، أنهار اللبن و العسل و الخمر....) و قد تدرج في وصفه مواكبة لمرحلة نزهة ابن القارح في العالم الآخر ثم إنه ساعد فنيا عللى تأطير أحداث الحكاية بالكشف عن جوانب من ملابستها المادية.
و من مظاهر الخيال في المكان التصاق عالم الأرض بعالم السماء إذ يقول إبن القارح في استرجاعه لموقف الحشر: لما نهضت أنتفض من الريم و حضرت حرصات القيامة....فخيال الكاتب في هذا الشاهد هو الذي قرن بين الريم و هو القبر كمكان أرضي دنيوي و حرصات القيامة و هي مساحة أخروية. كذلك كان التجاور بين الجنة و النار مظهرا من مظاهر هذا الخيال غذ يقول المعري: فإذا هو بإمرأة في أقصى الجنة قريبة من المطلع إلى النار فيقول من أنت فتقول أنا الخنساء السلمية....
* الزمان:
خضع لفعل التخييل لخروجه عن الزمان التاريخي إلى الزمن الغيبي (الأخرة). فجاء زمانا سرمديا مطلقا تلتقي فيه كل الأزمنة فيجتمع فيه الجاهلي و الإسلامي و من عاش في الدنيا و من خلد الأخرة. وهو إذن زمان متجاور للعادي و المألوف في المقاييس المادية الواقعية فالبرهة تقدر بنحو عشرة أيام من أيام الفانية. كما أن الزمن في الجنة نهار دائم لا ليل فيه.
* الشخصيات:
خضعت للفعل التخييلي إذ عمد المعري إلى إعادة خلقها في عالم الحكاية و بذلك اكتسبت جوهرا تخيليا باللغة هذه الشخوص جمعها أبو العلاء في إطار واحد رغم انتماءاتها الزمنية المختلفة و أجناسها المتباينة فامحي بفعل الخيال كل فرق بين الحيوان و الإنسان و بين اللاهوت و الناسوت و ذلك باد من خلال ما جرى بين المختلفين من تحاور إذ يمر ملك فيقول إبن القارح: يا عبد الله أخبرني عن الحور العين و من أطراف الحوارات التخييلية ما جرى بين ابن القارح و الحية إذ يقول له: لو تشرفت رضابي.
*الأحداث: و يظهر الخيال في أحداث مثلا من خلال تحول طبيعة الشجر فعوض أن تثمر فاكهة أصبحت بفعل الخيال تثمر حورا. يقول المعري: فيأخذ سفر جلة أو رمانة أو تفاحة أو ما شاء الله من الثمار فيكسرها فتخرج منها جارية حوراء عيناء تيرق لحسنها حوريات الجنان.
و من خيال الأحداث أيضا أن ابن القارح إذا أراد عنقودا من العنب أو غيره انقضت من الشجرة بمشيئة الله
[size=21]

رسالة الغفران بين ظاهر الهزل و باطن الجد و النقد
[size=21]1
1/ ظاهر الهزل و السخرية:
[right]يعتبر الجانب الهزلي قطبا من أقطاب الإنشداد إلى الرسالة و القارىء في هذا المجال منشغل بما تمليه العبارة من صور ساخرة عابثة و قد تجلى الهزل هذه في مواضع عدة و بآليات مختلفة يمكن أن نرجعها إلى أربعة أصناف:
أ/ السخرية من إبن القارح:
السخرية بالمفارقات:
- بين المكان و السلوك: عربدة في الجنان.
- بين المقام و المقال: خوف إبن القارح من السقوط في مشهد القنص مثلا.
- بين المجهود و النتيجة: محاولات ابن القارح التقرب من رضوان خازن الجنان.
- بين الغفران و سببه: دخول الجنة ببيت من الشعر أو قصيدة.
- بين القول و ال
Admin
Admin
Admin

رقم العضوية : 01
عدد المساهمات : 3316
تاريخ التسجيل : 19/12/2009
العمر : 67

https://zarat.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى