احلى المنتديات منتدى الزارات
مرحبا بك فى احلى المنتديات منتدى الزارات

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

احلى المنتديات منتدى الزارات
مرحبا بك فى احلى المنتديات منتدى الزارات
احلى المنتديات منتدى الزارات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة الغفران : الفنّ والدّلالة يتبع

اذهب الى الأسفل

رسالة الغفران : الفنّ والدّلالة  يتبع Empty رسالة الغفران : الفنّ والدّلالة يتبع

مُساهمة  Admin الثلاثاء نوفمبر 30, 2010 7:03 pm

باطن الجد في رسالة الغفران2/
لعل القارىء أمام رسالة الغفران يتجاذبه قطبان قطب الخصائص الفنية كقيمة في حداثتها تنتمي إلى الفن و قطب يجذبه إلى المعري على توظيفه تلك الخصائص للنفاذ إلى جملة من القضايا ناقدا ساخرا يقول حسين الواد: إن نص الرحلة في رسالة الغفران.....لا يشد القارىء إليه بحكم ما في بنيته الفنية من أسرار التفوق و أسباب التبريز فحسب. فلدلالته أيضا من القوة ما يستفز الذهن و يأسر.....فكان أثر أدبي.....إنما يدخل مهما تعهد في ذاته قوة الإمتناع عن دلالته في مناظرة مع واقع تفكري و اجتماعي. و في هذا المجال تتبدي النزعة العلائية العقلية في التناول. و لكن الملاحظ أن المنزع العقلي الذي لم يكن مباشرا كشأنه في اللزوميات إذا يقول:
كذب الظن لا إمام سوى العقل مشيرا في صبحه و المساء
كان أسلوبه و منزعه العقلي في الغفران باديا حينا متواريا أحيانا وراء السخرية و التهكم من السائد فيتحول ابن القارح إذا من ذات مقصود إلى نموذج أو رمز لكل الناس. و يرتبط المنزع العقلي في رسالة الغفران بثروة أبي العلاء على السائد من حياة الناس كما يرتبط بحيرته إزاء المسلمات الفكرية المتعلقة بعالم الغيب.
أ- القضايا الأدبية:
استأثرت القضايا الأدبية بالنصيب الأوفر من النقد: فالأدب محور الرحلة الغفرانية خاصة و أن المعري جعل ابن القارح متميزا عن سائر الشخصيات في الجنة بالذاكرة و الحفظ و الرغبة في المحاورات و المجادلات اللغوية و أهم القضايا التي شغلت الشعراء في الجنة كما شغلت المعري هي الشعر.
* حد الشعر: تجلت الروح النقدية لدى المعري في تقديم تعريف "جديد" للشعر يحتل فيه الذوق مكانة هامة. و يخرج تعريف الشعر مما أصابه من جفاف عند سابقيه أمثال قدامة بن جعفر الذي يعرف الشعر بقوله:" الشعر كلام موزون مقفى يدل على معنى" و قد ورد تعريف المعري على لسان ابن القارح عندما سأله رضوان " و ما الأشعار"؟ فقلت" الأشعار جمع شعر و الشعر كلام موزون تقبله الغريزة على شرائط إن زاد أو نقص أبانه الحس". فالمعري في هذا الموقف التعريف يلح على السليقة و الموهبة من جهة و على ذوق المتلقي من جهة أخرى. ثم إن لفظتي الغريزة و الحس تجعلان الأدب الحق لدى المعري هو ما توفر فيه الإحساس و بذلك يسقط من ديوان الشعر كل غرض أدبي خلا من صدق العاطفة و أول هذه الأغراض هو المدح.
* مقاييس نقد الشعر: لم يكتف المعري برسم حد جديد للشعر بل عرض أيضا جملة من الآراء النقدية تعكس ما شاع في عالم الشعر من مقاييس مثل:
- مقاييس الكم: لهذا المقياس أنصار و مدافعون يرون جودة الشعر في طول النفس و سعة التصرف في اللغة و المعاني القدرة على تمطيط القول. و مثل نابغة بن جعدة نموذجا لهذا الفريق إذ يقول في خصومته مع الأعشى" و إني لأطول منك نفسا و أكثر تصرفا و لقد بلغت بعدد البيوت م لا يبلغه أحد من العرب قبلي".
- مقاييس الكيف: أنصاره يرفضون طول النفس لأن الطول يعثر بصاحبه و يلجئه إلى تركيم اللغة دون تمييز الجيد من الرديء و دون إعمال القريحة. فالبيت الجيد حسن السبك يعدل مائة بيت دون جودة قريحة. يقول الأعشى مخاطبا النابغة و قد اشتدت الخصومة بينهما:" و إن بيتا مما بنيت ليعدل بمائة من بنابك و إن أسهبت في منطقك فإن المسهب كحابط الليل".
== يمثل هذان الصوتان في الخصومة الأدبية بعض ما شاع في عالم الشعر من مقاييس بعضهما يقوم على الإسهاب و يقوم على الإسهاب و يقوم البعض الآخر على الجودة. أما صوت المعري و إن كان ضمنيا فهو من أنصار الجودة الرافضين للإسهاب الذي ينزل بالشعر إلى درجة الإسفاف.
* نقد شعر المديح: قرن المعري المدح بالكذب على النفس: فالمديح لا يصدر إلا عن نفس كاذبة. و خير دليل على ذلك اعتراف ابن القارح بهذه الصفة حيث يقول: " فلما أقمت في موقف زهاء شهر أو شهرين و خفت في العرق من الغرق زينت لي النفس الكاذبة أن أنظم أبياتا في رضوان".
و قرن المعري بالمدح الإفتراء و التحسين لما قبح من أخلاق أيضا. فهو تزييف للحقائق. و قد اعتبره النابغة نقيصه استغلها في خصومة ليشتم الأعشى حيث يقول:" و أنت لاه بعفارتك تفتري على كرائم قومك و إن قومك إن صدقت فخريا لك و لمقرك". و قد أبرز المعري موقفه من المدح بينا في جعل النابغة الجعدي يشبه الأعشى المداح بالكلب النابح بحثا عن بعض الفضلات إذ يقول عن زوجته الأعشى:" لقد و فقت الهزازية في تخليتك. عاشرت منك النابح عشي فطاف الأحوية على العظام المنتبدة". كما ظهر هذا الموقف أيضا في استنكار حمزة على ابن القارح مدحه في اللجنة معتبرا المدح دنسا و إثما في مكان مقدس إذ يقول: و يحك أفي مثل هذا الموطن تجيئني بالمديح.
* السرقة الأدبية: تمثلت السرقة الأدبية في السطو على شعر الآخرين: فابن القارح يحفظ قصائد فحول الشعراء و يغير بعضها و ينسبها إلى نفسه لقضاء مآربه كالدخول إلى الجنة إذا يقول:" زينت لي النفس اكاذبة أن أنظم أبياتا في رضوان خازن الجنان عملتها في وزن ' قفا نبك من ذكرى حبيب و عرفان" ووسمتها برضوان".
ثم إن المعري يتعرض لمسألة الإنتحال بمعنى تسبة أبياتا لغير قائلها و ذلك عندما جعل ابن القارح يلتقي بأعشى قيس فيقول له: يا أبا بصير أنشدنا قولك:
أمن قتلة بالأنقاء دار غير محلوله
كأن لم تصحب الحي بها بيضاء عطبوله
فيقول الأعشى:" ما هذه مما صدر عني و إنك منذ اليوم لمولع بالمنحولات"
* نقد النحاة: مارس النحاة دور النقاد و غيروا الشعر على مقاس قواعدهم فانتهوا إلى تأويلات بعيدة عن الشائع و المألوف بل تدل أحيانا على الجنون. و لم يكن أمر التأويل هيئا عند المعري لأنه ضرب من التجني على المبدع و على اللغة. لذلك أنطق الشعراء بالاحتجاج على النحويين مثال أبي على الفارسي إذ نقل ابن القارح مجلس أستاذة قائلا:" و إذا جماعة من هذا الجنس كلهم يلومونه على تأويله".
و إجمال القول أن المعري قد حرص على ربط المعرفة و العلم و الأدب بدفع الشر و جلب الخير و ذلك ما صدق قوله في اللزوميات:
إذا كان علم الناس ليس بدافع و لا نافع فالخسر للعلماء
ب- القضايا الإجتماعية:
* نقد الطبقية في المجتمع: صور طبقتين متناقضتين: واحدة ترفل في النعيم و تسكن القصور و تنهل من اللذات المادية و أخرى تعيش فقرا و بؤسا. لذلك جاءت بعض الصور محيلة على حياة الترف طورا و حياة البؤس طورا آخر حيث يقول المعري متحدثا عن ابن القارح في سياق عودته إلى محله في الجنان بعد فراغه من النزهة" و يتكىء على فراش من السندس" و يقول أيضا واصفا بعض مكونات الجنة" و ينظر الشيخ الجليل في رياض الجنة فيرى قصرين منفيين". و في المقابل نجد البيت الحقير للحطيئة" و إذا هو ببيت في أقصى الجنة كأنه حفش أمة راعية و فية رجل ليس عليه نور سكان الجنة و عنده شجرة قميئة ثمرها ليس بزاك". و تظهر الطبقية أيضا في حضور الأسياد و العبيد و الجواري في جنة الغفران فهذه فاطمة الزهراء تهب ابن القارح جاريتها لتخدمه في الجنان" قالت الزهراء: " عليها السلام : قد وهبنا لك هذه الجارية. فخذها كي تخدمك في الجنان".
* نقد الوساطة في المجتمع: تتجلى الوساطة في مواطن عديدة من لرحلة الغفران. و لعل أهمها و أوضحها تلك المتصلة بشخصية ابن القارح خاصة وهو يتعجل دخول الجنة. و لم يتحقق له ذلك إلا بعد وساطات متعددة إذ يقول ابن القارح الحشر:" فوقفت عند محمد صلى الله عليه و سلم فقال: " من هذا الأتاوى؟ - أي الغريب- فقالت فاطمة هذا رجل سأل في فلان و فلان".
* تقديم قيم المجتمع: تراجعت القيم الأصيلة في عصر المعري و هذا ما يفسر تضاؤلها في رحلة الغفران لتحل محلها قيم مذمومة مثل الكذب و الرياء و الخداع حتى أضحى الصدق نشازا يجازي عليه المرء بالمكانة الحقيرة شأن الحطيئة الذي فاز ببيت حقير في أقصى الجنة لأنه كان صادقا مع نفسه. في حين يفوز غيره بنعيم الجنة و ملذاتها معتمدا النفاق و الكذب.
* نقد التهافت على اللذة: اشتملت جنة الغفران على أصناف شتى من الملذات أهمها المشروبات و المأكولات و الحلويات. فتعددت مجالس الخمر و أجناس المسكرات حتى أضحت جنة الغفران "مهرجانا خمريا". و بما أن المشروبات تستدعي بالضرورة المأكولات فقد جمع المعري ألوانا شتى من المآكل لعل أبرزها تلك التي اجتمعت في المأدبة التي أقامها ابن القارح. و إلى جانب لذة الخمر و الأكل نجد لذة الجنس: فقد تفنن المعري في عرض الحور العين خاصة و أن لبطله ابن القارح رغبة لا تنطفئ إذ يجمع حوريتين هما حمدونة و توفيق السوداء" و يقبل على كل واحدة منهما يرتشف رضابها...."
* نقد وضعية المرأة: اقتصر دور المرأة في جنة الغفران على أمرين اثنين هما:
- تحقيق المتعة لأهل الجنة
- الوساطة لابن القارح كي يدخل الجنة. و يتجلى ذلك في وساطة فاطمة الزهراء.
وهو دور سياسي سلبي يذكرنا بدور زوجات الأمراء و الملوك في البلاط.
ج- القضايا السياسية:
إن المتأمل في الغفران أن يجد موقف المعري من السياسة وهو نفس موقفه منهم في اللزوميات فقد عاب عليهم سياستهم الأمور بالهوى و النزوات فهم من العقل خلاء إذ يقول في اللزوميات:
يسوسون الأمور بغير عقل فينفذ أمرهم و يقال ساسة
و المعري إذ ينقم على الساسة فإنه أشد نقمة على ظلمهم خاصة إذ يقول في اللزوميات أيضا:
ظلموا الرعية و استجازوا كيدها و عدوا مصالحهم و هم أجراؤها
لقد شكل المعري هذه الصورة في مواقف مختلفة:
* عبر المعري عن نقمته على الملوك دون استثناء. فأدخلهم النار و أمعن في تصوير ما يلقونه من عذاب إذ يقول:" و الشوس لجبابرة من الملوك تجذبهم الزبانية إلى الجحيم و النسوة ذوات التيجان يصرن بألسنة من الوقود فتأخذ في فروعهن و أجسادهن فيصحن: هل من فداء؟ هل من عذر يقام و الشباب من أولاد الأكاسرة يتضاعفون في سلاسل النار...فلا فادي و لا معين و كلهم مدانون. لذلك تواتر معجم من قبيل "الشوس"و "الجبابرة" و "الظالمين".
* نقد توتر العلاقة بين الراعي و الرعية: فالإله غائب وهو رمز لغياب السلطة السياسية في حين تتخذ الحاشية القرارات.
* نقد الجوسسة المنتشرة في عصره إذ كان للملك عين كثيرة تنتقل له ما يدور في المجتمع ليتلافى بعض الثروات فيقول على لسان ابن القارح وهو بصدد الإصلاح بين الندماء:
"يجب أن يحذر من ملك يعبر فيري هذا المجلس فيرفع حديثه إلى الجبار الأعظم فلايجر ذلك إلا إلى ما تكرهان...".
* كما نقد ظاهرة مستشرية في القرن الرابع وهي ظاهرة إحاطة السلطان نفسه بذوي قرباه لا لكفاءتهم و لا لقدرتهم بل تعصبا فالرسول في الجنة وهو رمز السلطة قد أحاط نفسه بعمه حمزة و فاطمة و ابنيه إبراهيم و القاسم و زوجته خديجة و ابن عمه علي. فهم الفاعلون الغافرون الراحمون المعقبون فابن القارح لما وقف بين يدي الرسول قال الرسول: من هذا الأتاوي – أي الغريب – فقالت له فاطمة: هذا رجل سأل فيه فلان و فلان و سمت جماعة من الأئمة الطاهرين فشفع له. و قد يكون المعري بذلك يشير إلى ما كان للمرأة في عصره من دور في البلاطات و في توجيه السياسة التي شهدت في ذلك العصر تذخل الجواري و النساء في شؤون الحكم.
د- نقد القضايا العقائدية:
حظيت القضايا العقائدية بتفكير المعري. و يمكن أن يتحدد بعضها في:
* الغفران: أعمل المعري فكره في قضية الغفران و وصلها بالعدل الإلهي على غرار المعتزلة و انتهى إلى أن الأمرين يتعارضان لأن الله قد وهب الإنسان عقلا و بعث إليه بالأنبياء فلم يعد من دلع للمغفرة بل إن العدل في محاسبته على ما أتى من أعمال. و غير خاف ما في طيات هذا الموقف من صدى للجدل الفكري كان يدور بين الفرق الإسلامية و نذكر خاصة السنة التي تأخذ بظاهر النص و المعتزلة التي كانت تعتمد العقل في التفسير.
* الشفاعة: إذا كانت المغفرة تطلب من الله فإن الشفاعة تطلب من الرسول لتشمل آل البيت و تتسع دائرتها أكثر لتشمل قبيلة قريش. هكذا تصورها الناس في عصر المعري على إختلاف مذاهبهم. فالسيعة تجعل آل البيت شفيعا و أهل السنةشفيعهم الرسول. أما الحرمة التي بها تتحقق الشفاعة في جنة الغفران فهي الكلمة الطيبة. فكل من طلب الشفاعة عبر عن قدرة على القول الحسن إخفاء لسلوك خالف به تعاليم الدين فجعل الأعشى يدخل الجنة لأنه مدح الرسول في الدنيا و المعري ينقد مثل هذا التصور الساذج لا لأنه لا يصل القول بالفعل فقط بل لأنه يتعارض مع العدل الإلهي أيضا. وهو أيضا يفتح الباب رحبا يغري الإنسان بارتكاب المعاصي أملا في شفاعة على اعتبار بسيط ساذج فالأعشى حكم عليه بالإلقاء في الجحيم ثم يشفع له الرسول ليبطل حكم الله و يجعل الأعشى في الجنة. ثم إن هذه الشفاعة قد تجمع الفاسق و الماجن في نفس المقام القدسي. ألم يستنكر النابغة الجعدي وجود الأعشى في الجنة فقال له:" أتكلمني بمثل هذا الكلام يا خليع بني ضبيعة و قد مت كافرا و أقررت على نفسك بالفاحشة" ثم يقول: لحقك أن تكون في الدرك الأسفل من النار...ولو جاز الغلط على رب العزة لقلت إنك قد غلط بك.
* التوبة: مثلت التوبة مبحثا من المباحثات العقائدية التي أثارها المعري في رحلة الغفران.
فأبو العلاء يسخر من فكرة التوبة التي بين الأوساط العامة. فبعد أن يقضي الإنسان من لذاته الوطر و ينحسر ظل العمر تراه يقضي إلى التوبة حجا. و هذا الإيمان ينزع بالإنسان إلى شرب السم إتكالا على ما عنده من الترياق كما ورد في المثل. فالتوبة الحقيقية لا تكون إلا في مرحلة القدرة لتكون توبة اقتدار و منع للنفس عن هواها لا توبة اضطرار لما عجزت عن مأتاها.
يقول المعري في اللزوميات:
فكيف ترجي أن تثاب و إنما يرى الناس فضل النسك و المرء شارخ




رسالة الغفران و تعدد القراءات
إنه متى كان الأثر الإبدلعي ثريا كان متمنعا من القراءة الواحدة و كان متعدد الاحتمالات و القراءات. و كذا كانت رسالة الغفران للمعري فالناظر في المدونة النقدية يلحظ بسيطا حجم ما كتب حولها من قراءات نقدية قوة و منهجا و عمق تحليل و لكن الذي يجمع بينها هو أنها كشفت عن ثراء النص و غموضه و خلوده في آن.. و على هذا الأساس يمكن أن نحدد القراءات التالية:
1/ رسالة الغفران سخرية من ابن القارح و نيل منه: في هذه القراءة يتوجه التلميذ إلى إثبات العلاقة المباشرة بين الرسالة و بين المرسل إليه بمعنى أن كل ما فيها من خيال و سخرية و تفنن في القص إنما هو بالأساس لغاية النيل من ابن القارح.
ففي الخيال يمكن أن نركز على الخيال الشهواني الذي يفضح ابن القارح و بذلك تتحول أنهار الخمرة و سعد الرحيق المختوم لم تكن سوى تعريضا بابن القارح الذي عرف في الدنيا بعشقه للملذات فصوره المعري عبدا لهواه و من مظاهر اعتماد الخيال لفضح ابن القارح أيضا تلك المآدب التي كان يقيمها البطل إرضاء لشهواته و كذا قل في الحور العين و الجواري الجميلات فعشق ابن القارح للمرأة و اللذات الجسدية هي التي أملت على المعري أن يملأ له الجنة بالجواري و القيان.
أما عن السخرية و توجيهها المباشر لابن القارح فيمكن للتلميذ أن يعود إلى الهزل و السخرية من هذه الدراسة و أن يستفسد من السخرية من ابن القارح لوحده دون السخرية من السائد.
2/ رسالة ابن القارح فضح للسائد و نقد للموجود و تشهير بالواقع: في هذه القراءة على التلميذ أن يعتبر ابن القارح غير مقصود لذاته بل هو نموذج الإنسان أيام المعري بمعنى أننا نخرج من البعد الذاتي للرسالة إلى البعد الموضوعي. و يمكن للتلميذ هنا أن يعود إلى السخرية من السائد في قسم ظاهر الهزر من هذا العمل و أن يضيف إليه السخرية من الواقع السياسي أي فضح الممارسات السياسية السلبية كالظلم و الأنانية و تحقيق المآرب الذاتية.
و السخرية من الواقع الأدبي كشعر المديح و السرقات و الانتحال. لكن مع ضرورة التركيز على الأسلوب الساخر فدون تناول الأسلوب الساخر تكون القراءة نقدية. و مع الحذر من الوقوع في سرد المعلومات فذلك ليس من التحليل في شيء.
لا بد إذن أن تتبين الفرق بين مصطلح النقد و مصطلح الهزل و السخرية و الفضح فالنقد فيه طابع جدي و أما الهزل و السخرية و الفضح ففيه طابع هزلي و عندها لا بد من تناول الشكل أي الأسلوب الساخر لنبين أنه فضح و سخرية.
3/ سخرية الغفران تطاول على المقدس:
ويمكن أن تبين هذه القراءة في مستويات مختلفة:
- تدنيس فضاء الجنة: إذ تتحول الجنة حيزا للعربدة و المجون و الشذوذ و العنف اللفظي و المادي وهو ما لا يتناسب مع فضاء الجنة المقدس.
- التشكيك في العدل الإلهي: يظهر ذلك من خلال اعتراض بعض الشخصيات على الجزاء و العقاب كاعتراض نابغة بني جعدة على دخول الأعشى إلى الجنة حيث يقول :" ولو جاز الغلط على رب العزة لقلت إنه غلط بك". و كاعتراض نابغة بني جعدة على دخول الأعشى إلى الجنة حيث يقول : "ولو جاز الغلط على رب العزة لقلت إنه قد غلط بك". و كاعتراض أوس بن حجر على وجوده في النار.
- إبطال الأحكام الإلهية: و نتبين ذلك من خلال تدخل آل البيت لتغيير مصير الشخصيات الحقيقي من النار إلى الجنة. فالتحويل اعتراض على الحكم الإلهي و مثال ذلك قصة دخول الأعشى إلى الجنة بفعل شفاعة علي بن أبي طالب.
- المساس بصورة الله: يبدو الله في رحلة الغفران ملبيا لرغبات أهل الجنة و شهواتهم فقد صوره المعري في صورة الساهر على راحة أهل الجنة و المطيع لأهوائهم حتى الشاذة منها و لا دور له في الجنة غير ذلك.
إفراغ الوضعيات المصيرية من جديتها: التجأ المعري إلى الرسم الكاريكاتوري لبعض الوضعيات الجادة. و مثال ذلك إنشغال البطل إبن القارح و بعض الشخصيات بمسائل لغوية ونحوية في يوم المحشر كما صور يوم المحشر في مشهد تزاحم فوضوي. و من الأمثلة على إفراغ الوضعيات المصيرية من جديتها ذلك الرسم الكاريكاتوري لمشهد عبور ابن القارح للصراط حيث صوره يعبر الصراط على ظهر جارية و قد حملته زقفونة في يوم وصفه النص القرآني بأنه تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت .
- الرسم المادي الدنيوي للجنة: إن امتلاء بالقيان و الجواري الراقصات و المغنيات يجعلها ذات طابع مادي خالص خاصة و قد حضرت فيها كل المتع المادية و الحسية فكأن عالم الجنة خلو من الأبعاد الروحية و الدينية القدسة.
4/ رسالة الغفران تعبير عن القدرة الأدبية: ونتبين ذلك من خلال الشرح و الاستطرادات ووظائفها المذكورة سابقا.
5/ رسالة الغفران ذات طابع تعليمي للقارئ: وهنا نعتبر الإستطردات و الشروح موجهة لغاية تعليمية فتجمع الرسالة بذلك الإمتاع و الإفادة و هي من خصائص الأدب عموما و الرسالة الأدبية تحديدا.
6/ رسالة الغفران نقد للموجود: و فيه يدرج التلميذ جملة القضايا المطروحة مع ضرورة الوعي بأن هذه القضايا تتفاوت من حيث الجرأة فالقضايا السياسية و الدينية تحتل المرتبة الأولى من حيث الجرأة.
خاتمة:
إن قارئ رسالة الغفران كابن القارح يهرول مذعورا في جنتها بين القصص و الترسل و بين الخيال و الواقع و بين الهزل و الجد كأنما قدت من عالم غير المألوف. فهي تدنينا لتصدنا ز تجود لتجحد. هكذا حالنا مع رسالة الغفران تزاور عن فهمها ذات اليمين ثم تفرضنا ذات الشمال و نحن في حيرة منها. فقد سعت لها أقلام النقاد قديما و حديثا و هي تجري بهم في موج كالجبال و ما إلى يقين من سبيل شأنها شأن النصوص المعالم التي ترقى إلى مصاف الإبداع الإنساني غير المحدود. و حسبنا منها إثارة بعض القضايا و إنارة بعض زواياها عونا للتلميذ و دفعا له إلى عالم الفكر و الإبداع
Admin
Admin
Admin

رقم العضوية : 01
عدد المساهمات : 3316
تاريخ التسجيل : 19/12/2009
العمر : 68

https://zarat.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى